الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.استيلاء الصفار على فارس. تقدم لنا تغلب محمد بن واصل على فارس سنة ست وخمسين ومائتين ومسير الصفار إليه سنة سبع وثلاثمائة ورجوعه عنها وأنه أعاضه عنها ببلخ وطخارستان ثم إن المعتمد أضاف فارس إلى موسى بن بغا مع الأهواز والبصرة والبحرين واليمامة وما بيده من الأعمال فولي موسى على فارس من قبله عبد الرحمن بن مفلح وبعثه إلى الأهواز وامده بطاشتمر وزحفوا إلى ابن واصل وسار لحرب موسى بن بغا بواسط فولى على الأهواز مكانه أبا الساج وأمره بمحاربة الزنج فبعث صهره عبد الرحمن لذلك فلقيه علي بن أياز قائد الزنج وهزمه وقتل وملك الزنج الأهواز وعاثوا فيها وأديل من أبي الساج بإبراهيم بن سيما وسار لحرب ابن واصل واضطربت الناحية على موسى بن بغا فاستعفى من ولايتها وأعفاه المعتمد وطمع يعقوب الصفار في ملك فارس فسار من سجستان ممدا ورجع ابن واصل من الأهواز إليه وترك محاربة ابن سيما وأغذ السير ليفجأه على بغتة ففطن له الصفار وسار إليهم وقد أعيوا وتعبوا من شدة السير والعطش ولما تراءى الجمعان تخاذل أصحاب ابن واصل وانهزموا من غير قتال وغنم الصفار في معسكره وما كانوا أصابوا لابن مفلح واستولى على بلاد فارس ورتب بها العمال وأوقع بأهل ذم لإعانتهم ابن واصل وطمع في الاستيلاء على الأهواز وغيرها..حروب الصفار مع الموفق. ولما ملك الصفار خراسان من يد ابن طاهر وقبض عليه وملك فارس من يد ابن واصل وكان المعتمد نهاه عن تلك فلم ينته صرح المعتمد بأنه لم يوله ولا فعل ما فعل بإذنه وأحضر حاج خراسان وطبرستان والري وخاطبهم بذلك فسار الصفار إلى الأهواز سنة اثنتين أصحابه الذين أسروا بخراسان فأبى إلا العزم على الوصول إلى الخليفة ولقائه وبعث حاجبه درهما يطلب ولاية طبرستان وخراسان وجرجان والري وجارس والشرطة ببغداد فولاه المعتمد ذلك كله مضافا إلى سجستان وكرمان وأعاد حاجبه بذلك ومعه عمرو بن سيما فكتب يقول: لا بد من الحضور بباب المعتمد وارتحل من عسكر مكرم جائيا وخرج أبو الساج من الأهواز لتلقيه لدخول الأهواز في أعماله فأكرمه ووصله وسار إلى بغداد ونهض المعتمد من بغداد فعسكر بالزعفرانية ووافاه مسرور البلخي من مكانه من مواجهة الزنج وجاء يعقوب إلى واسط فملكها ثم سار منها إلى دير العاقول وبعث المعتمد أخاه الموفق لمحاربته وعلى ميمنته موسى بن بغا وعلى ميسرته موسى البلخي فقاتله منتصف رجب وانهزمت ميسرة الموفق وقتل فيها إبراهيم بن سيما وغيره من القواد ثم تزاحفوا واشتدت الحرب وجاء للموفق محمد بن أوس والدراني مددا من المعتمد وفشل أصحاب الصفار ولما رأوا مدد الخليفة انهزموا وخرج الصفار واتبعهم أصحاب الموفق وغنموا من عسكره نحوا من عشرة آلاف من الظهر ومن الأموال والمسك ما يؤد حمله وكان محمد بن طاهر معتقلا في العسكر منذ قبض عليه بخراسان فتخلص ذلك اليوم وجاء إلى الموفق وخلع عليه وولاه الشرطة ببغداد وسار الصفار إلى خوزستان فنزل جند يسابور وراسله صاحب الزنج على الرجوع ويعده المساعدة فكتب له {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} السورة وكان ابن واصل قد خالف الصفار إلى فارس وملكها فكتب إليه المعتمد بولايتها وبعث إليه الصفار جيشا مع عمر بن السري من قواده فأخرجه عنها وولى على الأهواز محمد بن عبيد الله بن هزار مرد الكردي ثم رجع المعتمد إلى سافرا والموفق إلى واسط واعتزم الموفق على اتباع الصفار فقعد به المرض عن ذلك وعاد إلى بغداد ومعه مسرور البلخي وأقطعه ما لأبي الساج من الضياع والمنازل وقدم معه محمد بن طاهر فقام بولاية الشرطة ببغداد..انتقاض الخجستاني بخراسان على يعقوب الصفار وقيامه بدعوة بني طاهر. كان من أصحاب محمد بن طاهر ورجالاته أحمد بن عبد الله بن خجستان وكان متوليا على وهي من جبال سراة وأعمال باذغيس فلما استولى الصفار على نيسابور وخراسان انضم أحمد هذا إلى أخيه علي بن الليث وكان شركب الحمال قد تغلب على مرو ونواحيها سنة تسع وخمسين ومائتين وتغلب على نيسابور سنة ثلاث وستين ومائتين وأخرج منها الحسين بن طاهر وكان لشركب ثلاثة من الولد: إبراهيم وهو أكبرهم وأبو حفص يعمر وأبو طلحة منصور وكان إبراهيم قد أبلى في واقعة المغار مع الحسن بن زيد بجرجان فقدمه الصفار وحسده أحمد الخجستاني فخوفه عادية الصفار وزين له الهرب وكان يعمر أخوه محاصرا لبعض بلاد بلخ فاتفق إبراهيم وأحمد الخجستاني في الخروج إلى يعمر وسبقه إبراهيم إلى الموعد ولم يلقه فسار إلى سرخس ولما عاد الصفار إلى سجستان سنة إحدى وستين ومائتين ولى على هراة أخاه عمرو بن الليث فاستخلف عليها طاهر بن حفص الباذغيسي وجاء الخجستاني إلى علي بن الليث وزين له أن يقيم بخراسان نائبا عنه في أموره وأقطاعه فطلب ذلك من أخيه يعقوب فأذن له فلما ارتحلوا عن خراسان جمع أحمد الخجستاني وأخرج علي بن الليث من بلده سنة إحدى وستين ومائتين وملك تونس وأعاد دعوة بني طاهر وملك نيسابور سنة اثنتين وستين واستقدم رافع بن هرثمة من رجالات بني طاهر فجعله صاحب جيشه وسار إلى هراة فملكها من يد طاهر بن حفص وقتله ثم قتل يعمر بن شركب واستولى على خراسان ومحا منها دعوة يعقوب بن الليث ثم جاء الحسن بن طاهر أخو محمد بأصفهان ليخطب له فأبى فخطب له أبو طلحة بن شركب بنيسابور وانتقض الخجستاني واضطربت خراسان فتنة وزحف إليها الحسن بن زيد فقاتلوه وهزموه ثم ملك نيسابور من يد عمرو بن الليث وترك الخطبة لمحمد بن طاهر وخطب للمعتمد ولنفسه من بعده كما هو مشروح في أخبار الخجستاني.
|